روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | طفلة السادسة...والحجاب!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > طفلة السادسة...والحجاب!


  طفلة السادسة...والحجاب!
     عدد مرات المشاهدة: 1995        عدد مرات الإرسال: 0

كانت تقفز مع صويحباتها على -الترامبولين- وقد فجرت هذه اللعبة طاقات الطفولة والفرحة والنشاط فيهن، ولكن هذه الصغيرة النحيلة التي لم تتعد الست سنوات كانت تقطع لعبها كل بضع دقائق، وتذهب لتحادث أمها على عجل، كنت قريبة جدا منهما فسمعتها تطلب بحرارة من والدتها أن تسمح لها بأن تخلع الإيشارب فقط حتى تنهي اللعب.. فترفض الأم بحسم متعللة بأن هذا لا يصح، وأنها تحجبت بالفعل فلا يحق لها أن تخلع الحجاب لأي سبب..

ومع حرارة اللعب.. وحرارة الصيف.. وقلة صبر الطفولة.. تتلمس الصغيرة ربطة إيشاربها وتتأفأف، لم أستطع أن أنزل عيناي من عليها، كانت تضحك من قلبها وهي تقفز ولكن علامات الضيق تكسو وجهها سريعًا وهي تتصبب عرقًا ويعيق الإيشارب حرية لعبها..

تنظر طويلا إلى رفيقات اللعب بحسد، تعود إلى أمها مجددا راجية: أرجوك يا ماما.. لا أحد ينظر إليّ، دعيني أنهي هذه اللعبة فقط وأعدك ألا أطلب منك خلع الإيشارب أبدًا..

فترد الأم بصلابة: قلت لك أن هذا لا يصح.. لا تجعليني نادمة على إصطحابك إلى مدينة الألعاب.

عادت الصغيرة مذعنة وأكملت لهوها.. ولكنني شعرت بحنق بالغ على ما تفعله الأم، ليس لأنها تمن على طفلتها بالسماح لها باللعب متناسية أن عمل الطفل هو اللعب.. وليس لأنها تشدد على إبنتها دون حق ولا علم ولا حكمة، ولكن أكثر ما أزعجني هو الشعور الذي يكبر ويتعاظم في نفس هذه الطفلة، وهو ببساطة ودون مواراة: كراهية الحجاب.

ذهبت إلى الأم وألقيت عليها السلام.. وبدأتها بلهجة ودودة: كم عمر إبنتك بارك الله لك فيها؟.

قالت: ست سنوات.

قلت لها: أختي الكريمة إسمحي لي من باب التناصح أن أقول لك أن التشديد على طفلة صغيرة في إرتداء الحجاب سيكون له أثر عكسي يجعلها تكرهه بدلا من أن تحبه.. ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.

ردت بصرامة: يجب على الطفلة أن تتعود منذ نعومة أظافرها على الحياء.

أجبتها: نعم بالتأكيد.. أوافقك على هذا تماما، ولكن تربية الطفلة على الحياء لا يعني أبدًا أن نجبرها على إرتداء الإيشارب وهي صغيرة.

ردت بلهجة دفاعية: ومن قال لك أنني أجبرتها.. هي إختارت إرتداء الحجاب لأنني ربيتها على ذلك.

قلت: قد تطلب الطفلة هذا بضغط غير مباشر من محيطها وهو مؤشر جيد، ولكنها تطلب ذلك لرغبتها في تقليد الكبار، ولكن لأنها طفلة فعلينا نحن الكبار أن ندرك أن هذا الطلب إنفعالي، وأنها ستسير مع طبيعة الأشياء وسترغب في اللعب والإنطلاق كمثيلاتها، وأنها سرعان ما ستشعر بالندم والرغبة في خلعه كما فعلت طفلتك اليوم.

واستدركت: الحجاب ليس فرضًا على الطفلة الصغيرة.. فلماذا نفرض نحن مالم يفرضه رب العالمين.

قالت: يجب أن تنشأ على الحياء.

كانت هذه هي الحُجة الرئيسية التي تستند عليها هذه الأم وغيرها ممن يتبنين نفس الموقف، فأجبتها بوضوح: الحياء الذي تُنشأ عليه الطفلة يكون بصيانة سمعها وبصرها.. وتعويدها حُسن الكلام والتصرف، وعدم إثقال نفسها أو خدش برائتها بأي شيء.. بتعويدها وتحبيبها تدريجيا في الملابس الملائمة.. حتى إذا بلغت إرتدت الحجاب برغبة ودون أية ضغوطات.

وأضفتُ: كم من فتاة ترتدي الحجاب وهي فاقدة تماما للحياء.. فالحجاب هو التاج الذي يزين الفتاة الحيية، ولكن إجبار الصغيرات على إرتدائه بل والتشديد عليهن في عدم خلعه ولو لدقائق سيجعلهن كارهات له، يحلمن باللحظة التي يستطعن خلعه فيها.. وصدقيني لن يكون عسيرا أن تتحرر من قبضتك بعد سنوات، فلماذا نختار الإجبار والضغط ونترك الرفق والحكمة؟!.

سكتت وأشاحت بوجهها عني فتركتها.. والسؤال يدور في رأسي:

لماذا يظن البعض أن القهر شرط لحسن التربية، ويتناسون أن العملية التربوية ديناميكية ليس فيها قوالب جامدة لا تسمع ولا ترى؟!

لماذا يختار البعض أوعر الطرق لسلوكها، ويضعون الأشواك في طريق علاقتهم مع أبنائهم؟

الكاتب: مي عباس.

المصدر: موقع رسالة المرأة.